هل تتدخل فرنسا في سوريا؟
اعلن وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل انه بحث مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان في امكانية مشاركة فرنسا في التدخل العسكري ضد جهاديي “الدولة الاسلامية” في سوريا حيث يسيطر التنظيم على مناطق واسعة من جانبي الحدود مع العراق.
لكن وزير الدفاع الفرنسي لم يؤكد ولم ينف اذا كانت هذه المسألة بحثت خلال اجتماعاته في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون).
وقال هيغل خلال مؤتمر صحافي مشترك اعقب اجتماعا مع لودريان استمر اكثر من ساعة “نعم بحثنا في احتمالات مشاركة فرنسا في سوريا” في توجيه ضربات لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يحتل .
واضاف ان خطر تنظيم الدول الاسلامية “لا يتوقف عند حدود ودول” مضيفا “لذلك كان هذا امرا ناقشناه”.
وسيطر هذا التنظيم بفضل عشرات آلاف المقاتلين الذين جندهم في المنطقة او استقدمهم من الخارج، على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا التي تشهد نزاعا مستمرا منذ اكثر من ثلاث سنوات، كما يحتل التنظيم مناطق واسعة في العراق المجاور.
وتسعى الولايات المتحدة في اطار الاستراتيجية التي اعلنها الرئيس باراك اوباما الى “تدمير” التنظيم الدولة الاسلامية عبر تعزيز الجيش العراقي ليتولى المعركة الميدانية. اما في سوريا حيث تعتبر واشنطن نظام الرئيس بشار الاسد غير شرعي، فهي تريد تجهيز وتدريب المعارضة لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية.
وفرنسا واحدة من خمس دول اوروبية تشارك في الحملة في العراق لكنها لم تساهم في الضربات العسكرية الاميركية في سوريا. كما يشارك في هذا التحالف خمسة بلدان عربية.
وقدمت فرنسا اسلحة الى مقاتلي المعارضة السورية الذين يتواجهون مع نظام الاسد.
واكد لودريان ان فرنسا تشارك في الضربات الجوية في العراق بطلب رسمي بموجب ميثاق الامم المتحدة. وقال ان “فرنسا موجودة هناك بسبب هذا الطلب ونحن في التحالف بسبب هذا الطلب”.
ولم يشأ الوزير الفرنسي تأكيد مناقشة المشاركة الفرنسية في سوريا خلال محادثاته مع هيغل. وردا على سؤال عن موقف باريس في حال طلبت منها واشنطن المشاركة في شن غارات ضد الجهاديين في سوريا، قال “لا يمكنني ان اجيب على اسئلة لم تطرح علي”.
وكان لودريان قال قبل ايام ان مسألة مشاركة فرنسا في ضرب تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا باتت “مطروحة” على طاولة البحث بعدما كانت باريس تستبعد هذه الفرضية في الاساس. وبحسب مسؤول في وزارة الدفاع الفرنسية فان باريس “تأخذ وقتها” في حسم هذه المسألة.
من جهته، اكد هيغل ما قاله الرئيس اوباما وقادة عسكريون كبار حول مكافحة تنظيم “الدولة الاسلامية”، الذين اكدوا انه سيكون صعبا وطويل الامد.
وقال هيغل ان “هذا الجهد ضد +الدولة الاسلامية في العراق والشام+ مع شركائنا في التحالف، في العراق وسوريا، سيكون صعبا وطويل الامد”. واضاف “لم يكن هناك اي سوء فهم عندما بدأنا، بان النهاية لن تكون سريعة”.
وردا على سؤال عن تدريب القوات العراقية، قال هيغل انه لا يعرف كم سيستغرق الامر.
واكد هيغل ولودريان على “التعاون الممتاز” بين اجهزة الاستخبارات الفرنسية والاميركية. لكنهما تجاهلا سؤالا عما اذا كان اطلاق صاروخ اميركي في اطار الحملة على الدولة الاسلامية في 23 ايلول/سبتمبر بالقرب من حلب، تم بناء على معلومات استخباراتية فرنسية.
ورحب كل من وزيري الدفاع بتصويت البرلمان التركي على اجازة تدخل انقرة ضد تنظيم “الدولة الاسلامية”.
وكانت تركيا اقترحت مرات عدة اقامة “منطقة عازلة” على الحدود مع سوريا لحماية المدنيين.
الا ان هيغل قال ان الحكومة الاميركية لا تفكر حاليا في اقامة منطقة عازلة في شمال سوريا لكنها تبقى منفتحة على مناقشة “خيارات” متنوعة مع الحكومة التركية. واضاف “نواصل الحديث مع الاتراك بشأن عدة خيارات لكن لا خطط لهذا الخيار حاليا”.
وكان رئيس اركان الجيوش الاميركية الجنرال مارتن ديمبسي اكد ان منطقة آمنة كهذه ستتطلب دوريات بلا توقف للطائرات وقوة برية كبيرة لتعزيزها.
وفي بداية المؤتمر الصحافي شدد لودريان على التهديد الذي يشكله الاسلاميون المتطرفون في منطقة الساحل في افريقيا.
وشكر اخيرا الولايات المتحدة على “دعمها” ضد الحركات الجهادية في الساحل مؤكدا “اتفقت (مع هيغل) على ان يتواصل هذا التعاون”.
ورد وزير الدفاع الاميركي قائلا ان واشنطن تنوي مواصلة مساعدة فرنسا ضد عنف المتطرفين في منطقة الساحل.
ويقدم الجيش الاميركي الى العسكريين الفرنسيين معلومات استخباراتية وطائرات مسيرة للمراقبة وطائرات شحن وتزويد بالوقود منذ بداية التدخل الفرنسي في مالي الذي بدأ في كانون الثاني/يناير 2013 بهدف طرد مجموعات اسلامية متطرفة من شمال البلاد.
وصرح مسؤولان عسكريان اميركيان بعد اللقاء ان الولايات المتحدة ستواصل دعم القوات الفرنسية عسكريا في منطقة الساحل الافريقية لكن على باريس ان تسدد في المستقبل النفقات التي تترتب على مشاركة واشنطن.
لكن بما ان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما تخوض حربا جوية واسعة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، فقد ابلغت الولايات المتحدة باريس بانه بات عليها دفع النفقات كما قال المسؤولان لوكالة فرانس برس.
وصرح احدهما طالبا عدم كشف هويته “في المستقبل سيكون عليهم تسديد نفقات المهمة”، في خطوة لم تعرف انعكاساتها على الالتزام الفرنسي في افريقيا حتى الآن.
واضاف المسؤولان ان قرار مواصلة المساعدة العسكرية — ولو بشكل جديد — اتخذ قبل ايام من توجه وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان الى واشنطن حيث زار مقر وزارة الدفاع الاميركية الخميس.
ولم يحدد المسؤولان لفرانس برس الكلفة الاجمالية للمساعدة العسكرية المقدمة الى فرنسا منذ كانون الثاني/يناير 2013، مشيرين الى عشرات الملايين من الدولارات وهو مبلغ صغير بالمقارنة مع الميزانية العسكرية الهائلة للجيش الاميركي.