وصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى نصف ولايته من دون أن تتحسن صورته أو شعبيته لدى الرأي العام الفرنسي … لا بالعكس. إذ أن ٨٠ في المئة من الفرنسيين يرون أنه فشل في تحقيق ما وعد به. وإذا دخلنا في التفاصيل نجد أن ٩٧ في المئة حسب استطلاع للرأي أجراه معهد «ادوكسا» يعتبرون أنه فشل بشكل ذريع في مجال التوظيف ومحاربة البطالة، فيما يرى ٨٨ في المئة أن السياسة المالية التي اتبعها غير صالحة.
إذن هو يواجه تراجعاً رهيباً في لشعبيته وهو ما بات عنوان ولايته منذ وصوله إلى السلطة في عام ٢٠١٢. بالطبع توجد شخصيته التي تبدو باردة جداً بعكس ما كان يبدو عليه إبان حملته الانتخابية. إلا أن حصيلة أعماله هي في الواقع متواضعة في كافة المجالات، وبشكل خاص في المجال الاقتصادي ناهيك عن فشله في وقف نزيف البطالة الذي يصيب المواطنين الفرنسيين وبشكل خاص ناخبيه، وقد اعترف هولاند بأنه «فشل» في الحد من البطالة كما تعهد ومعدل العاطلين عن العمل يصل اليوم إلى ما يزيد عن ١٠،٥ في المئة.
هذا الفشل دفع بالعديد من حلفاءه وفي مقدمتهمحزب الخضر ولكن أيضاً أقرب المقربين في الحزب الاشراكي لانتقاده علنا ورفض الدخول في حكومته الأخيرة بسبب توجهاتها الليبرالية.
ويتهمه «الحلفاء السابقون» بأنه بات «حليفاً للرأسمال» وأنه خان ناخبيه. فعندما أطلق ما أسماه «ميثاق المسؤولية والتضامن» وهو يتضمن حوالي ٣٠ مليار يورو من المساعدات المالية المباشرة والضرائبية قدمت لأرباب العمل والشركات شرح بأن هذا الميثاق سيقضي على البطالة لأن الشركات ستستعمل هذه الأموال لتوسيع أعمالها وبالتالي فتح أسواق العمل. وعندما لم يظهر أي أثر لهذه «الهدايا» لأصحاب الرساميل اتهمه اليسار والخضر بمحاباة أرباب العمل على ظهر ناخبيه اليساريين.
ويتفق الجميع على أن وضع البطالة في فرنسا لن يتحسن خلال السنة المقبلة وبالتالي لن يستطيع هولاند تقديم أي انجاز في هذا المجال.
ولكن هولاند يجد نفسه محشوراً بسبب مطالب المفوضية الأوروبية التي تصر على تقيلص العجز في ميزانية مدفوعات فرنسا وهو ما لا يمكن تحقيقه من دون … تقليص النفقات. فبعد أن قدم هولاند ٣٠ مليار يورو لأرباب العمل ها هو يبحث عن توفير ٥٠ مليار، ولم يرى هو الرئيس الاشتراكي الذي بأصوات اليسار إلا أن …يقلص المساعدات الاجتماعية المقدمة للعائلات ذات الدخل المحدود، ومحاولة تقنين مساعدات العاطلين عن العمل. هذه السياسة أصابت الحزب الاشتراكي بالصميم وشقت صفوف عائلته السياسية بقيادة ٣٥ برلمانياً مناهضين لسياسته وعلى رأسهم ثلاثة وزراء سابقين وزيرة الثقافة اوريلي فليبيتي ووزير الاقتصاد أرنو مونتبور ووزير التربية السابق بنوا هامو. ما يجعل أكثريته في البرلمان أكثرية نسبية.
هذا في شق «الحلفاء» أما في شق الخصوم فحدث ولا حرج: فالمعارضة، وعلى رأسها حزب «الجبهة الوطنية» الذي يمثل اليمين المتطرف والذي وصل في مقدمة الأحزاب في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، يطالب… بحل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، فيما يدعو حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» الرئيس هولاند إلى التنحي بسبب تراجع شعبيتج وخسارته «كل الانتخابات الفرعية والمحلية والأوروبيةس منذ وصوله إلى الإليزيه.
هولاند يصر على السير قدما في الإصلاحات حتى ولو كانت موجعة للفرنسيين حسب قوله وهو يعتمد على «نتائج إصلاح المجتمع» كما يقول رئيس وزراءه مانيول فالس.
ولكن يعتمد هولاند على « السياسة الخارجية» لرفع شعبيته هو خاض حربين في غضون سنتين، في مالي وأفريقيا الوسطى، إضافة إلى قرار مشاركة القوات الفرنسية الجوية الحملة على تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق.
سيحاول هولاند بعد غد الخميس إقناع الفرنسيين بأن الطريق خطه لعهده هو الطريق الصحيح لإصلاح فرنسا وهيكلية اقتصادها. سيفعل ذلك عبر خطاب متلفز بمناسبة مضي نصف ولايته ولكن هذه المناسبة سيف ذو حدين إذ يمكن أن تكون دافعا كي يعطيه المواطن الفرنسي المزيد من الوقت لتحقيق ما وعد به، ولكن يمكن أيضاً أن تنبه الفرنسيين إلى زنه لم يفعل شيئاً منذ وصوله إلى الإليزيه. في الحالتين لن ينسي الفرنسيون الفضائح الأخلاقية التي فاجأهم بها الرئيس الذي أراد أن يكون «رئيساً عادياً» ومثالياً فإذا به يعيش «٬غامرة شائكة» مع ممثلة جولي غاليه في حين أنه أدخل إلى الإليزيه معاشرته فاليري تريفايلير. ما دفع هذه الأخيرة إلى نشر كتاب فضحت به شخصيته وكرهه للفقراء.