الشرق الأوسط في عام ٢٠١٥ (رويترز)
رؤية محرري رويترز وكبار مراسليها للوضع السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام القادم.
الشرق الأوسط
استطاع تنظيم الدولة الإسلامية أن يوحد القوى السنية العربية وإيران والعراق والولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين ضده. ومع أنه ظهرت علامات على أنه يجري احتواؤه فإنه يعزز على ما يبدو قبضته على الأراضي التي يسيطر عليها في شرق سوريا وغرب العراق.
ويفتح التنظيم جبهات جديدة على ما يبدو في شبه جزيرة سيناء وفي ليبيا وربما في اليمن في حين أنه لا يزال قادرا على التوغل في لبنان.
فهل يمكن صده بدون قوات برية فعالة؟ في الوقت الحالي يتصدى لقتال تنظيم الدولة الإسلامية الجيش العراقي الذي أضعفت معنويانه والتيار الرئيسي للمعارضة السورية المسلحة المدمرة وقوات البشمركة الكردية التي تعاني نقصا في العتاد والضربات الجوية.
العراق
أتاح تغيير الحكومة في العراق بانتقال الحكم من رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي إلى حيدر العبادي الذي يبدو من الناحية النظرية أكثر ميلا إلى استيعاب كافة القوى السياسية مجالا لتعزيز المعارضة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. لكن البلاد مقسمة بالفعل بين الأكراد في الشمال والشيعة في بغداد والجنوب والسنة في الوسط والغرب وهي المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في الوقت الحالي.
ولن تقتصر قصة العراق في العام القادم على القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وما إذا كانت العشائر السنية ستنقلب عليه وإنما ستتعلق أيضا بما إذا كانت البلاد تستطيع الحفاظ على تماسكها كدولة موحدة.
سوريا
قد يساعد التوصل الى اتفاق مع ايران في فتح مرحلة انتقال من الحرب في سوريا. إذ يعتمد نظام الأسد في نهاية الأمر على دعم ايران وحلفائها مثل حزب الله اللبناني.
وتتردد تكهنات كثيرة في مسألة هل ستكون طهران سهلة الإقناع بالتخلي عن الأسد ومجموعته- مثلما تخلت عن المالكي في العراق – اذا كان هذا يطرح امكانية تشكيل ائتلاف جديد بين الجزء الباقي الأقل خطرا من النظام وبقايا التيار الرئيسي من المعارضة. وستحتاج ايران بعض الضمانات بأنه لن يتم ابعادها تماما عن سوريا.
اسرائيل- فلسطين
تجري اسرائيل انتخابات عامة في مارس اذار. والاحتمالات بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هي العودة الى السلطة. واذا كان الأمر كذلك فان الحكومة ستكون على الأرجح أكثر يمينية وما لذلك من عواقب سلبية على صنع السلام ومحادثات حل الدولتين ووضع اسرائيل في العالم.
وحدوث مفاجأة بفوز الذين ينتمون لتيار الوسط مسألة محتملة وقد تغير الحسابات وتحدث تغييرا هائلا من أجل صنع السلام.
ويتجه الاعتراف الأوروبي بفلسطين لكسب مزيد من القوة الدافعة ويضع اسرائيل والفلسطينيين في خلافات أكبر ويخلق تحديات أصعب للأمريكيين.
والرئيس الفلسطيني محمود عباس في صحة جيدة لكن رئاسته في حالة يرثى لها وتوجد حاجة ماسة للوضوح بشأن الشكل الذي ستكون عليه القيادة الفلسطينية بعد عباس. وقد تظهر قيادة جديدة أو قائد جديد خلال عام 2015 .
وسيكون المفتاح هو الكيفية التي ستتعامل بها حركة فتح مع الصعود المتزايد لحركة حماس في الضفة الغربية وهل اذا سمحوا للديمقراطية بأن تأخذ مسارها سينتهي الأمر بأن تمسك حماس بميزان السلطة في الأراضي الفلسطينية.
مصر
الآن وقد حصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على سلطة كاملة تقريبا فان عليه ان يحقق نتائج. وهو يحظى بدعم مالي في المدى المتوسط من السعودية والإمارات العربية المتحدة لكن الجيش يتولى الدور الريادي في الاقتصاد ويوسع بالفعل نفوذه الاقتصادي الضخم.
وربما تنتعش أكبر القطاعات تهيئة للوظائف وفرص العمل مثل السياحة لكن من الصعب رؤية هذا النموذج السلطوي والمصالح الخاصة تنتج ملايين الوظائف التي تحتاج إليها مصر لمواطنيها الشبان الذين يزداد عددهم ويضيق بهم وادي النيل.
وتشدد السيسي مع أي معارضة يبعد الليبراليين والطبقة المتوسطة في المدن الذين أيدوه في ازاحة الإخوان المسلمين. والحظر الشامل على جميع الإسلاميين ماعدا قلة مفيدة ربما هو الذي يذكي تمردا من المتشددين الإسلاميين في وقت تظهر فيه قوات الأمن قدرة صغيرة على السيطرة على سيناء.
ليبيا
ليبيا تتمزق وتتحول فيما يبدو الى دولة فاشلة أخرى في المنطقة وربما إلى بؤرة جديدة للدولة الاسلامية. وربما تتفكك الى إقطاعيات تخضع لسيطرة امراء قبليين يقدمون العديد من الفرص للجهاديين.
وانهيار حكم الرجل الواحد معمر القذافي الذي استمر أربعة عقود ترك ليبيا وفيها أسلحة متاحة للجميع حيث تتخذ كل من المدن والمناطق والأفراد والقبائل جميعها قوات مسلحة خاصة بها. وتنسحب الدول الغربية وتغلق سفاراتها وتخلي العاملين بها بينما تقترب الدولة المنتجة للنفط من وضع الدولة الفاشلة.
والانهيار الكامل لليبيا وزيادة نفوذ الجهاديين في بعض الاجزاء سبب أساسي للقلق للدول لمجاورة مثل مصر والجزائر اللتين تخوضان حربا ضد المتشددين لديهما في الداخل.
اليمن
يواجه اليمن خطر التفكك نتيجة للحرب الاهلية. واستولى المتمردون الحوثيون الشيعة الذين يزعم انهم مدعومون من ايران على العاصمة صنعاء. وأصبح البلد ميدان معركة آخر بين المتنافسين الاقليميين ايران والسعودية التي كان لها في السابق اليد العليا في اليمن وكانت تمول الحركات السنية السلفية ضد الحوثيين.
ويتدهور الوضع الامني بشدة حيث من المرجح ان تتصاعد الهجمات والمواجهات بين القاعدة في اليمن والحوثيين.
الجزائر وتونس
سيحدث انتقال سياسي في الجزائر بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتزداد التوترات بين الفصائل المتنافسة.
ومع انخفاض اسعار النفط تكافح الجزائر لجلب مزيد من الاستثمارات في قطاع النفط وتتعامل مع ضغوط اجتماعية من أجل أحوال معيشية واسكان ودعم أفضل. وربما يكون ذلك وقت أزمة لأكبر بلد في أفريقيا في عام 2015 .
بعد الانتخابات التونسية سيصبح تشكيل حكومة جديدة مهمة أول أيام عام 2015 . والبلد الذي كان يشاد به بوصفه نموذجا يحتذى للمنطقة سيواجه تحديا لكي يجعل المواءمات السياسية الوسطية تنجح.
فهل ينجح النظام القديم والإسلاميون في ابرام اتفاق وهل ستنجح شراكات الحكومة الائتلافية الأخرى؟ وكيف ستواجه الحكومة الجديدة تحديات اصلاحات اقتصادية جادة وتقوم بخفض الدعم وهو ما يطالب به المقرضون الدوليون لكنه ينطوي على احتمال أن يتسبب في إفساد الانتقال الديمقراطي الهش؟
إيران
فيما يتعلق بإيران فإن إمكانية إبرام اتفاق نووي مع الغرب قد يؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة الإقليمية. وسيؤدي مثل هذا الاتفاق إلى إعادة دمج الجمهورية الإسلامية إقليميا ودوليا وهو ما يفتح الباب لفرص استثمارية هائلة محتملة وتعاون أكبر مع السعودية لحل مجموعة من الصراعات الإقليمية من أفغانستان إلى سوريا وبالتالي بناء تفاهمات أمنية إقليمية أكثر استقرارا.
والاتفاقات الإقليمية ضرورية لكبح العداء الطائفي الذي تعد إيران الشيعية والسعودية السنية راعييه الأساسيين. وبدون التوصل إلى اتفاق إقليمي فإن الطائفية ستزدهر.
تركيا
في تركيا يريد الرئيس رجب طيب اردوغان أغلبية أقوى لحزب العدالة والتنمية حتى يمكنه ان يحقق نظاما رئاسيا تنفيذيا.
وقبل الانتخابات البرلمانية في يونيو حزيران يتوقع ان يمارس المزيد من سياسات الاستقطاب التي ينتهجها – وشن حملة على مؤيدي خصمه فتح الله كولن وفرض سيطرة أكبر على وسائل الاعلام والمحاكم وانتقادات المعارضة العلمانية .
وقد يكون تأييد الاكراد المفتاح نحو الرئاسة التنفيذية مقابل مزيد من الحقوق في دستور جديد – وهذا يعني انه من المرجح ان تبقى العملية في مسارها رغم الأحداث في سوريا.
ومن المرجح ان يزيد الضغط على تركيا لكي تفعل المزيد لقتال الدولة الاسلامية مع احتمال التوصل الى حل وسط مع واشنطن بشأن استخدام قواعد جوية أمريكية في تركيا مقابل نوع ما من منطقة تتمتع بالحماية على امتداد الحدود السورية.