السعودية: نساء لبيع ملابس النساء
ستتخلص السعوديات أخيراً من حرج الوقوف امام باعة من الرجال لشراء ثيابهن الداخلية والادلاء بتفاصيل حول مقاسهن، فاعتباراً من يوم الخميس المقبل يصبح البيع في هذه المحلات محصوراً ببائعات سعوديات بالرغم من معارضة رجال دين.
ودخول المرأة مجال بيع المستلزمات النسائية يثير جدلاً واسعاً في المملكة ويكشف عن اصرار الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكومته على تشجيع المرأة على العمل.
لكن رموزاً من المؤسسة الدينية يعارضون بشدة تشغيل النساء في البيع لاسيما مفتي المملكة عبدالعزيز ال الشيخ الذي اعتبر أن عمل المرأة في بيع الملابس الداخلية «جرم وحرام».
فالأكثر تشدداً يرون أن عمل المرأة في هذه المحلات، كما في أي وظيفة بيع، يفتح الباب واسعاً امام الاختلاط مع الرجال، لاسيما مع أولئك الذين يشترون الملابس الداخلية لنسائهم، فيما الناشطون والمدافعون على القرار يرون أن وجود البائعين الرجال يحرج المشتريات كما تقدم هذه المحلات فرصة منطقية لادخال المرأة في سوق العمل.
وأعلن وكيل وزارة العمل المساعد للتطوير فهد التخيفي عن تقدم 28100 سيدة للعمل في محال المستلزمات النسائية الداخلية وادوات التجميل البالغ عددها 7353 محلاً في مختلف مناطق المملكة.
وستبدأ وزارة العمل في تطبيق القرار الذي يحصر العمل في محال بيع الثياب الداخلية النسائية بالنساء اعتباراً من الخميس، بينما ستمنح محلات بيع مستحضرات التجميل مهلة ستة أشهر إضافية.
وكلفت الوزارة 400 مفتش لمراقبة تنفيذ القرار المثير للجدل. وقد بدأت بالفعل منذ اشهر مئات النساء بالعمل في هذه المحلات، لاسيما في مدينة جدة غرب المملكة التي تعد أقل تشدداً من العاصمة الرياض.
وكان الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز أصدر قراراً ملكياً في حزيران/يونيو الماضي بشأن تشغيل النساء في المحلات النسائية، إلاّ أن هذه المحلات حظيت بمهلة ستة أشهر لاخراج العمال الرجال نهائياً من هذا القطاع، وتنتهي هذه المهلة الخميس.
وقام عدد من رجال الاعمال برفع دعوى قضائية لايقاف تطبيق القرار، إلاّ أن وزير العمل عادل فقيه أكد أن «أمر قصر العمل على المرأة السعودية في محلات بيع المستلزمات النسائية هو أمر ملكي، لذلك فوجود الدعوى لن يؤجل التنفيذ».
وتوقع الوزير السعودي أن يساهم القرار في ادخال حتى 44 الف سيدة في سوق العمل، في وقت تسعى المملكة الى الحد من البطالة النسائية.
وقالت ريم اسعد عضو جمعية الاقتصاد السعودي ومؤسسة حملة المقاطعة للمحال المخصصة لبيع المستلزمات النسائية التي يبيع فيها الرجال إن «قطاع التجزية يمثل اكثر القطاعات التي تمتص البطالة النسائية».
واعتبرت أسعد أنه من «الطبيعي أن تقوم المراة ببيع الملابس الداخلية النسائية لبنات جنسها وجميع البدائل الاخرى غير مناسبة».
ولطالما اشتكت سعوديات من الاحراج عند دخولهن محلات بيع الملابس الداخلية وتواصلهن من بائعين من الرجال لطلب هذه المستلزمات الحميمة.
وقالت المتسوقة سمر «كنت أواجه وغيري من السيدات حرجاً كبيراً عند دخول محلات الملابس النسائية للشراء» مشيرةً إلى أن «وجود رجل يبيعنا أشياء خاصة جداً كان يصعب علينا شراء ما نحتاجه فعلاً فنقوم بشراء ملابس قد لا تناسبنا».
من جهتها، قالت صفا سليمان سلامة التي بدأت العمل كمديرة لاحدى المحلات «كان لدي شعور بالخوف قليلاً في البداية لكنه سرعان ما تحول إلى تجربة ممتعة واندمجت في العمل خصوصاً بعد أن تلقيت ردة فعل ايجابية من العائلات والمتسوقين».
وأوضحت أن «الفتيات يوظفن مبدئياً على راتب اساسي 3000 الاف ريال (800 دولار) ونحصل على بدل سكن وتأمين صحي».
وقالت فاطمة قاروب، وهي ناشطة ومؤسسة حملة «كفاية احراج» على الفايسبوك إن «90 في المئة من المحلات والمولات والمعارض في مدينة جدة وظفت سيدات» مشيرةً إلى أن «التجار لا يزالون يطلبون موظفات بعد ان تم توظيف ما يقارب 600 فتاة سعودية حتى الآن».
ولفتت قاروب إلى أنه «كان هنالك تقاعس من التجار في بادئ الأمر، لكن حالياً هنالك تجاوب كبير بعد فرض الأمر الواقع عليهم».
وسيواجه مخالفو قرار تأنيث المحال النسائية الحرمان من جميع خدمات وزارة العمل، وايقاف كل معاملاتهم في دوائر رسمية اخرى، بحسب وزير العمل السعودي.
في غضون ذلك، أوضح حميد دياب مدير مبيعات الخليج في شركة نعومي للملابس الداخلية أن شركته «قطعت شوطاً كبيراً في تأنيث المحلات، اذ انجزنا تانيث 85 في المئة حتى الآن، وخلال الأيام القريبة ستكون النسبة 100 في المئة».
ويأتي تطبيق القرار الملكي بالرغم من تحذير مفتي عام السعودية التجار من «الانخداع بالدعايات والتساهل في المحرمات».
واعتبر المفتي في خطبة القاها يوم الجمعة أن «توظيف المراة في محال بيع المستلزمات النسائية ومقابلة الرجال جرم ومحرما شرعاً».
واعتبر الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ أن توظيف النساء في هذه المحالات «جعل المرأة في مواجهة الرجال، تحاسب وتبيع بلا حياء ولا خجل» وهو أمر «تترتب عليه مصائب كثيرة يتحمل اوزارها التجار اصحاب هذه المحال».
واكد أن «التساهل في توظيف النساء في اعمال يكن فيها في مقابلة الرجال جرم ومخالف للشرع».