- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

داعش وريث المغول وحليف أميركا

BT 2015نقطة على السطر

بسّام الطيارة

مهما قيل عن قوة أميركا فهي تبدو أعجز من أن تقتلع داعش من هذه المنطقة. لو كانت أميركا قوية لكانت تحركت قبل أن… قبل أن يذبح داعش اليزيديين ويدفن أحياء المئات منهم، لو كانت أميركا قوية لتحركت ما أن بدأت تخرج أخبار تكسير متحف الموصل. إلا إذا … إذا كانت لديها غاية في نفس يعقوب.

لو حقاً أميركا متقدمة وتؤمن بأن التراث العراقي هو ثراء للعالم أجمع لتحركت… ولكنها لم تفعل. لم تفعل عندما تابع داعش عمليات تخريب التراث الإنساني بتدمير مدينة نمرود التاريخية بالجرافات. وبعد أقل من يومين بدأ بجرف  أطلال مدينة الحضر الأثرية التي يعود تاريخها إلى ألفي عام. وأميركا لا تتحرك.

ما يحصل أكبر وأخطر من مجزرة…أيا تكن فظاعة المجازر والتاريخ شهد مجازر يقشعر لها شعر الأبدان تثير الاشمئزاز، تدل على وحشية الانسان وجبروته إذا مالت كفة ميزان القوة لصالحه. مجازر عديدة من هولاكو وقبل المغول إلى النازيين مروراً بمجازر الاستعمار في القارات الخمس وأفظعها التكيل بهنود الأميركيتين. ولكن، بعض الهنود أفلتوا من القتل وما زالت ذريتهم موجودة على سطح الأرض. المحرقة كانت رهيبة ولكن اليهود والغجر الذين استهدفهم نظام هتلر ما زالوا على هذه الأرض يدبون. كل الشعوب التي غزاها المغول وسفك دماء رجالها وسبى نساءها ومثل بأطفالها، عادت رويداً رويداً إلى رمق الحياة وتمددت أو تقلصت ولكنها ما زالت تتنفس هواء الأرض وتأكل من ثمارها. كل هذه الشعوب التي نُكل بها لم تختفي عن سطح الأرض.

أما مكتبة بغداد أو دار الحكمة  فقد اندثرت ومعها اندثرت قوة حضارة العرب والمسلمين ودخلوا غياهب ظلمات التاريخ… وما زالوا.  دار الحكمة كانت تحتوي على عدد غير محدود من الوثائق والكتب التاريخية النفيسة من المواضيع العلمية في ذاك العصر وجميعها دمر, الناجين من البشر يقولون بأن دجلة كان أسود من الحبر بسبب الكميات الهائلة من الكتب المرمية بالنهر. بغداد نهبت ثم دمرت وأحرقت ثم سويت بالأرض.

من باب الصدفة (؟) أن دخول المغول إلى بغداد صادف في ١٠ شباط/فبراير عام ١٢٥٧ ليبدأوا إسبوعاً من المذابح والنهب الإبادة. أما جحافل داعش فقد جاءت بعدهم بـ ٧٥٨ سنة بالتمام والكمال لتبدأ بتدمير متحف الموصل في منتضف شباط/فبراير (صدفة تاريخية).

إن القتل والنهب لا يفني شعب بينما التدمير وسحق الآثار وإحراق الأعمال الإنسان تساهم في اندثار الحضارة أو رميها في ظل التخلف والتابعية.

داعش تدمر آثار العراق لأنها تريد أن تمحو كل أثر لإنسانية الانسان العراقي ودوره في التاريخ. تسلبطها وأعمالها من إحراق الكتب إلى تغيير المناهج وفرض نظريات متخلفة وعقيمة، تدل على أنها تهدف أولاً وأخيراً إلى تدمير الحضارة العربية.

لو أرادت أميركا إيقاف هذا التدمير لفعلت.

عندما غزت أميركا العراق أنزلت نصف مليون جندي لتقتل مليون عراقي وقضت على صدام حسين لأنه ديكتاتور وسحقت جيشه الذي قالت إن تعداده مليون رجل .

٩٩ في المئة مما نراه اليوم هو نتيجة هذا الاعتداء على العراق. ألا يفعل داعش أبشع مما فعل صدام مع البشر؟ هل تضاهي قوة داعش في قسم بسيط من العراق قوة جيش صدام؟ هل تعداد رجال داعش يتعدى بضع عشرات الألوف؟

لماذا لاتحارب أميركا داعش؟ لماذا تكتفي بـ«اصطياد»  بعض العناصر بواسطة الطائرات؟

لأن داعش أقوى من أميركا؟ أم لأن أميركا تريد لداعش أن تقوم بما قام به هولاكو؟

أمام ما يحصل واكتفاء أميركا والغرب بالتنديد وتوالي اجتماعات اليونيسكو ومجلس الأمن لإطلاق التصريحات الرنانة المتوعدة فيما داعش يدمر ويحرق، بات من حقنا أن نقول إن أميركا ولربما الغرب كله متواطئ مع داعش.