سيرة ذاتية للملا عمر لمنافسة داعش
أصدرت حركة طالبان الأفغانية أول سيرة ذاتية لزعيمها المختفي الملا عمر، الذي يعتقد أنه يقيم في مخبأ في باكستان، ولم يظهر علنا منذ سنوات عديدة. لا يوجد تفسير لقرار نشر السيرة الذاتية للملا عمر، لكنه ربما يأتي ردا على الشائعات المتداولة حول مقتله.
وتقول السيرة إن الملا عمر لا يزال يدير الأنشطة اليومية لطالبان، وهي الحركة التي أسسها مع مجموعة من المجاهدين الأفغان عام 1994.
ويأتي نشر هذه السيرة بعد مرور 19 عاما على زعامة الملا عمر للحركة، وكان ذلك في اليوم الذي أظهر فيه عمر عباءة يعتقد أنها تخص النبي محمد، والتي تعتبر أعز شيء للأفغان، ومُنح عمر حينها لقب أمير المؤمنين.
ويأتي قرار نشر السيرة ليذكر أفراد تنظيم «داعش» بالدور الذي يلعبه عمر. اُعلن العام الماضي أن زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي سيعيد تأسيس الخلافة الإسلامية وأنه هو الخليفة، وهو الإعلان الذي يتناقض مع زعامة الملا عمر للمسلمين، التي تتجاوز الحدود الوطنية.
يسعى تنظيم “اداعش” بشكل نشط إلى تجنيد مقاتلين في أفغانستان مستائين من حركة طالبان التي يتزعمها الملا عمر.
لا تحمل السيرة الذاتية، التي جاءت في نحو خمسة آلاف كلمة، أي مفاجآت وهي أشبه بسير القديسين. وتتحدث عن مرحلة طفولة فاضلة، إذ أن الرجل أصبح الملا عمر تعلم في المدرسة الدينية على يد أعمامه الورعين بعد وفاة والده حينما كان عمره خمس سنوات. انضم الملا عمر لصفوف المجاهدين وهو في سن العشرين بعد فترة قصيرة من الغزو الروسي في عام 1980، ليصبح قائدا في عام 1983. وجرح عمر أربع مرات وهو يقاتل السوفييت بين عامي 1983 و1991، وفقد عينه اليمنى في القتال.
وفي الإشارة الوحيدة لمصادر السيرة، ينقل مؤلفها روايات من اثنين من الزملاء، أحدهما هو الملا برادر، تتحدث عن براعة الملا عمر في استخدام قاذفات صواريخ الأر بي جي، خاصة ضد الدبابات.
كانت هذه واحدة من الروايات الأكثر إثارة للاهتمام.
أفرج عن الملا برادر من السجن في باكستان عام 2013 إذ رأى المفاوضون الأمريكيون والأفغان أنه ربما سيكون وسيلة مساعدة لإجراء محادثات سلام.
ويخضع برادر لإقامة جبرية فعلية، وذكره في سيرة الملا عمر يشير إلى أن الاستخبارات الباكستانية ربما لعبت دورا في نشرها، أو على الأقل أنها كانت على دراية بكتابتها.
وتأتي هذه الرواية عن تأسيس حركة طالبان عقب قصة أخرى جرى تداولها على نطاق واسع.
كان الملا عمر من بين مجموعة من قادة المجاهدين السابقين الذين أغضبتهم أعمال العنف والاضطرابات عقب انهيار حكومة نجيب الله المدعومة من الاتحاد السوفيتي عام 1992.
وهناك تفاصيل مثيرة لوصف المشاكل التي واجهت التجار بسبب حواجز الطرق غير القانونية.
وفي أحد الاجتماعات عام 1994، حينا اتخذ قرار التصدي لزعماء الحرب، كان الملا عمر هو القائد الطبيعي “للوقوف ضد والتصدي لهذه الفوضى إذ أنه سيحظى بدعمهم جميعا.”
لا توجد تفاصيل كثيرة تصف المعارك التي اندلعت تقريبا في جميع أنحاء أفغانستان، والتي بلغت ذروتها في عام 1997.
وفي هذه الرواية، انتهى الأمر بأفغانستان في حالة “تحكمها قواعد نقية ومبادئ للشريعة الإسلامية، وبعد فاصل زمني طويل، شهد العالم نموذجا عمليا لحكومة إسلامية مرة أخرى.”
لم تذكر السيرة الذاتية شيئا عن القاعدة. وبدلا من الحديث عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001، تحدثت هذه الرواية عن الهجوم الأمريكي على أفغانستان لأن العالم “لم يتحمل نظام الشريعة الإسلامية.”
في واقع الأمر، لا يوجد ذكر للعالم خارج أفغانستان سوى الدعم المعتاد لرغبة الفلسطينيين في استعادة القدس.
تؤكد هذه الصورة توصيف طالبان كتنظيم إسلامي قومي محافظ في أفغانستان لديه رؤية محدودة للعالم.
وتحاول سيرة عمر تصوير زعيم طالبان على أنه شخصية “جذابة” ولديه “روح دعابة خاصة.”
لكنها في المقابل تؤكد أنه لا يوجد أي شيء شاذ في شخصيته.
ولأنني أحد الغربيين القلائل الذين رأوه (وكان ذلك في عام 1996)، يمكنني أن أؤكد أن الرجل لم يبرز عن غيره من قادة طالبان.
وتشيد السيرة الذاتية بهذا الأمر، وتقول إن الملا عمر لم يمتلك بيتا خاصا قط.
وتضيف الرواية “لقد تبنى أسلوبا بسيطا وسهلا في جميع نواحي حياته، زي بسيط وطعام بسيط وحديث غير متكلف، والصراحة والتواضع من عاداته الطبيعية.”
وربما لا يكون مثيرا للدهشة أن الملا عمر “كان في معظم اجتماعاته يتحدث عادة عن الجهاد.”
ونشرت طالبان ترجمة انجليزية للسيرة الذاتية تضمنت قدرا من العامية الطريفة، لكنها موجهة بشكل أساسي إلى المواطنين الأفغان.
ربما لا يكون هناك هدف خفي وراء نشر هذه السيرة سوى تذكير الأفغان بأن الملا عمر لا يزال يتمتع بالنفوذ.
وتتضمن السيرة تأكيدات معتادة على أن “القوة العظمى أمريكا والقوى الأخرى المتحالفة معها على وشك الدمار والهزيمة.”
ولا يوجد أي ذكر في السيرة للمصالحة مع الحكومة الأفغانية، لكنها تؤكد أن حكومة الظل التي يتزعمها عمر تسيطر بالفعل على معظم مناطق البلاد.