#العراق: اعمال عنف وشغب في منطقة الاعظمية
احيا اكثر من عشرة ملايين شيعي ذكرى الامام موسى الكاظم بزيارة مرقده في شمال بغداد، في مناسبة سنوية اختتمت الخميس وطبعتها فجرا اعمال عنف وشغب في منطقة الاعظمية ذات الغالبية السنية.
وشمل العنف الذي اودى باربعة اشخاص، الاعتداء على مبنى تابع للوقف السني وحرق منازل، بينما سارع مسؤولون عراقيون الى التحذير من محاولة اثارة فتنة طائفية في البلاد، في خضم الحرب مع تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على مساحات منها منذ حزيران/يونيو.
وقال المسؤول الاعلامي للعتبة الكاظمية عامر الانباري لوكالة فرانس برس ان عدد الزائرين بلغ “اكثر من عشرة ملايين شخص”، مشيرا الى ان اعداد هؤلاء سجلت خلال نحو اسبوع.
واضاف ان هذا العدد “هو الاعلى، وهو رقم غير مسبوق”. لكن يصعب التحقق من هذه الارقام من مصادر مستقلة.
وبدأت حشود كبيرة من الشيعة منذ نحو اسبوع، بالتدفق نحو المرقد في الكاظمية، قادمين من بغداد ومحافظات اخرى، لاحياء ذكرى مقتل سابع الائمة المعصومين لدى الشيعة الاثني عشرية في العام 799.
وشارك نحو 75 الف عنصر من الجيش والشرطة في خطة أمنية لضمان أمن الزوار، شملت قطع العديد من الطرق واقفال مناطق بأكملها.
الا ان الوضع الامني اضطرب الخميس، مع اندلاع اعمال شغب في الاعظمية، التي يعبرها الزوار في طريقهم الى الكاظمية، اثر شائعات عن وجود انتحاري يعتزم تفجير نفسه، بحسب ضابط برتبة عقيد في الشرطة.
وقال المصدر “قام مندسون من الزوار المتجهين الى مرقد الامام الكاظم، بالهجوم على مبنى تابع لهيئة استثمار اموال الوقف السني في منطقة الاعظمية، وحرقوا 17 منزلا على الاقل باستخدام مواد سريعة الاشتعال”.
بدأ ذلك بعيد الثانية فجرا (2300 ليل الاربعاء تغ). وحاولت الشرطة ضبط الحشود عبر اطلاق النار في الهواء، ما دفع بعض الزوار للاعتقاد ان سكانا في الاعظمية يطلقون النار في اتجاههم، بحسب المصدر.
واوضح الضابط ومصدر طبي ان اعمال العنف ادت الى مقتل اربعة اشخاص على الاقل واصابة اكثر من 20. وتباينت المصادر حول ظروف مقتلهم، اكان بسبب الحرائق او بسبب اطلاق الرصاص.
وروى شهود في المكان حالات من التدافع والهلع والغضب.
وقال حسين (22 عاما) الذي كان برفقة خمسة من رفاقه قرب مبنى الوقف السني “سمعنا شخصا يصيح +حزام ناسف، انتبهوا!+. كل منا فر باتجاه مختلف، وشعرت ان الانتحاري يمشي بجواري”.
اضاف “من شدة الخوف الذي اعتراني، اصبح الجميع في نظري انتحاريا”، مشيرا الى ان العديد من النساء والاطفال تعرضوا للدهس، وان زوارا غاضبين بدأوا رمي الحجارة على حراس المبنى الذين ردوا بالمثل، قبل ان ينسحبوا ويقوم جمع غاضب باحراق المبنى.
وسارع مسؤولون الى محاولة احتواء الموقف.
واعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي فجر اليوم انه امر القوات الامنية “بتطويق الفتنة وملاحقة مثيريها”، معتبرا ان ما جرى سببه “اندساس ارهابيين بين الزوار”.
وسارع العبادي صباحا الى زيارة الكاظمية والاعظمية، حيث جال في الشوارع والتقى رجال دين سنة وشيعة، بحسب محطات التلفزة.
وقال من الاعظمية “البعض اغاظهم توحد العراقيين في مواجهة الارهاب، في مواجهة اعداء العراق، فارادوا ان يشعلوا هذه الفتنة”، الا ان “وعي” العراقيين “فوت الفرصة عليهم”.
كما زار المنطقة وزير الداخلية محمد سالم الغبان، معلنا “القبض على بعض المندسين”، وان التحقيق جار لكشف “الجهات” التي تقف خلفهم.
من جهته، دعا رئيس ديوان الوقف السني محمود الصميدعي المسؤولين الى ضرب المتسببين بهذه الاعمال “بيد من حديد”.
وقال في مؤتمر صحافي عقده في مدينة اربيل “من يعبث بهذا البلد لا بد ان يضرب بيد من حديد، ويجب ان لا يكون له مكان في هذا البلد”.
اضاف “لا بد من ان تطرد هذه العصابات (…) لمن اراد الامن في هذا البلد عليه وعلى العراقيين جميعا، الا يكون محضنا لهذه العصابات”.
وفي حين دعا العراقيين الى ان “يتكاتفوا من اجل ان يفوتوا الفرصة على العابثين”، طالب المسؤولين بعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية.
وتابع “نريد ان نعيش سوية، لكن في الحقيقة هذه الافعال وهذا الاجرام، انما يعطل عجلة المصالحة في هذا البلد. فلنرفع اصواتنا جميعا من اجل مصالحة حقيقة، ولنرفع اصواتنا جميعا لرفض هؤلاء، ايا كان شأنهم وايا كان انتماؤهم (…) والا لا مصالحة وطنية ولا عراق آمن”.
وشهدت العلاقات بين السنة والشيعة توتر في مراحل مختلفة منذ الاجتياح الاميركي للبلاد العام 2003، بلغت ذروتها بين 2006 و2008، مع اندلاع حرب مذهبية ادت الى مقتل عشرات الآلاف.
كما يتهم خصوم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي حكم البلاد بين العامين 2006 و2014، باعتماد سياسة تهميش بحق السنة، وهو ما يرى محللون انه ساعد في سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق واسعة من البلاد في حزيران/يونيو، مستفيدا من نقمة سكانها على الحكومة.
وتبنى التنظيم خلال الايام الماضية هجومين على الاقل ضد الزوار الشيعة الذين يعتبرهم “رافضة” ويتوعد بقتلهم. فقد قتل اربعة اشخاص على الاقل في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة الثلاثاء، بعد ايام من مقتل سبعة اشخاص على الاقل في تفجير سيارة مفخخة السبت الماضي.