فضيحة الأسلحة التركية للمعارضة السورية
ندد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو السبت ببث صور قيل إنها لشاحنات تتبع جهاز الاستخبارات التركي تحمل أسلحة إلى المعارضة المسلحة في سوريا مطلع العام الماضي، وقال إن هدفها التأثير على الانتخابات.
والجمعة نشرت صحيفة جمهورييت التركية صورا وتسجيل فيديو أكدت أنها لشحنات أسلحة أرسلت إلى المعارضة السورية الإسلامية المسلحة في مطلع 2014، ما يدعم اتهامات تنفيها دائما حكومة أنقرة بشدة.
ونشرت الصحيفة في نسختها الورقية وعلى موقعها الإلكتروني صور قذائف هاون مخبأة تحت أدوية في شاحنات مؤجرة رسميا لصالح منظمة إنسانية، اعترضتها قوة درك تركية قرب الحدود السورية في كانون الثاني/يناير 2014.
وأثارت هذه القضية فضيحة سياسية عندما أكدت وثائق سياسية نشرت على الإنترنت أن الشاحنات تعود إلى الاستخبارات التركية وتنقل أسلحة وذخائر إلى معارضين إسلاميين سوريين يواجهون نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان القضاء التركي قد وجه في وقت سابق اتهامات لسبعة جنود وضعوا قيد التوقيف الاحترازي حول اعتراض شحنة أسلحة مفترضة إلى سوريا العام الماضي، حسبما أوردت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
ووجهت إلى الجنود السبعة تهم المشاركة في عمل إرهابي وعرقلة عمل الحكومة والتجسس.
لكن نظام أنقرة الذي يشتبه حلفاؤه الغربيون بدعمه هؤلاء المقاتلين الإسلاميين المتطرفين وضمنهم تنظيم “الدولة الإسلامية”، والذي بات نظام الأسد عدوه اللدود، نفى هذه الاتهامات مؤكدا أن القافلة كانت محملة بالأدوية.
ودفعت الصور الجديدة بالمعارضة للتساؤل حول ما إذا كانت أنقرة زودت مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوريا بالأسلحة. وفي مقابلة قال داود أوغلو أنه لا يستطيع التعليق بشكل كامل بسبب “أسرار الدولة”، إلا أنه قال إن تركيا قدمت المساعدة للشعب السوري وللجيش السوري الحر، إلا أنه لم يحدد ما إذا كانت تلك المساعدات ذات طبيعة عسكرية.
وأضاف خلال زيارة إلى مدينة قيصرية وسط الأناضول “لقد قلت في ذلك الوقت إن الشاحنة كانت تحمل مساعدات لوجستية موجهة إلى التركمان الذين هم بحاجة ماسة إلى المساعدات (…) المساعدات كانت للجيش السوري الحر وللشعب السوري”.
وأضاف إن “مداهمة شاحنات تابعة لجهاز الاستخبارات التركي هو عمل غير قانوني ضد مصالح تركيا وأمنها القومي (…) ونشر الفيديو في هذا الوقت هدفه التأثير على الانتخابات”.
وتابع “ولكن تركيا تقوم دائما وستواصل القيام بما تتطلبه مصلحتها القومية، وستتحمل أية مسؤولية ملقاة على عاتقها في الساحة الدولية لخدمة الأغراض الإنسانية. هذا حقنا، ولن نسمح بأن يكون خاضعا للنقاش”.
وتتصاعد التوترات في تركيا قبل الانتخابات التشريعية التي ستجري في 7 حزيران/يونيو، فيما يسعى حزب “العدالة والتنمية” إلى الحفاظ على هيمنته على البلاد منذ توليه السلطة في 2002.
وأشارت آخر استطلاعات للرأي إلى تدهور الدعم للحزب الحاكم بشكل كبير مقارنة مع النسبة التي حققها الحزب في 2011 (50% من الأصوات)، و2002 (أكثر من 47%).
وقدرت بعض استطلاعات الرأي التأييد الحالي للحزب بنسبة نحو 40%.
وتركيا من الدول الرئيسية التي تعارض نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان حليفها في السابق، وتدعو إلى الإطاحة به.
ونفت تركيا بشدة تسليح ودعم الإسلاميين الذين يقاتلون النظام في دمشق إلى جانب عدد من المجموعات المسلحة الأخرى.
وسمحت تركيا لقوات البشمركة العراقية بعبور الحدود التركية للمساعدة في الدفاع عن مدينة كوباني السورية الواقعة على الحدود مع تركيا في مواجهة مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية” في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وأكد داود أوغلو لوكالة فرانس برس أن تركيا لم ترسل أية مساعدات بشكل أحادي إلى سوريا.
وقال “جميع المساعدات تجري بالتعاون مع المجتمع الدولي في إطار مجموعة أصدقاء سوريا (…) وهي ليست مساعدات تركية أحادية”.
وفور نشر الصحيفة تقريرها، بدأ المدعي التركي تحقيقا جنائياً فيما إذا كانت الصحيفة انتهكت قوانين الإرهاب من خلال نشرها الصور.
وتشتمل التهم “الحصول على معلومات متعلقة بأمن الدولة” و”التجسس السياسي والعسكري” و”الدعاية لمنظمة إرهابية”.
ودان كمال كيليشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري، أكبر حزب معارض “كيف يمكن لتركيا إرسال أسلحة ثقيلة إلى منظمة تصفها بالإرهابية أي (تنظيم) الدولة الإسلامية؟”.
وأضاف “من يرسل بطريقة غير مشروعة أسلحة إلى بلد مسلم تتلطخ يداه بالدم”.
واعتقلت السلطات التركية عشرات من رجال الشرطة والجيش والمدعين بسبب تفتيش الشاحنات، ما أثار جدلا واسعا في البلاد خاصة عقب تسريب وثائق على الإنترنت تزعم أن الشاحنات المصادرة كانت تحمل أسلحة إلى المسلحين السوريين.
وفرضت الحكومة التركية تعتيما إعلاميا على القضية طال وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إن عملية المداهمة جرت بأوامر من الداعية فتح الله غولن، حليفه السابق والذي يتهمه منذ شتاء 2013 بمحاولة الإطاحة بالحكومة.