لبنان: رئاسة الجمهورية لإدارة شركة أم وطن؟
قدمت الحملة المدنية للاصلاح الانتخابي «مسرحها» لمناقشة تداعيات الأزمة السياسية على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان. العنوان مستمد من السيرة الذاتية لاحد الذين حضروا حفل عشاء هيئة الاشراف على الانتخابات والذي (للمفارقة) لم يشارك في النقاش لا عن قرب ولا عن بعد، بل أعد لحلبة الصراع وترك المتصارعين ينقضون على بعضهم البعض. فكان لمل من اراد ان يتصارع أو أن يعنّف أن يرسل وابل من قنابله الى هذا او ذاك علما ان العناوين المطروحة أصلاً هي… “مضادة للعنف”.
كان من شان النشاط، الممول من الاتحاد الاوروبي في لبنان، في ظل الفراغ عرض واقع مقسم على المحاور التي يدور حولها الشلل اللبناني: عنف طائفي في طرابلس، فشل المجلس النيابي في اقرار قانون جديد، تاجيل الانتخابات النيابية، تعطيل دور المجلس الدستوري، تكرار العنف في طرابلس وامتداده الى صيدا والبقاع، شغور موقع رئاسة الجمهورية، تاجيل الانتخابات النيابية للمرة الثانية إلخ…. والبحث يدور حول تاثير الاحداث على حياة المواطنين اقتصاديا اجتماعيا وحقوقيا كما مخاطر وعواقب البقاء دون رئيس جمهورية والمسؤولية كمواطنين في هذا الظرف. تم الكلام عن هذا. قال الكثير مدير جلسة سعيد عيسى التي عنونت حول تداعيات التمديد والفراغ الرئاسي على الواقع الاقتصادي والمعيشي الذي كذّب ارقام مصرف لبنان حول قيمة العملة الوطنية فبان كانه يهاجم حاكم مصرف لبنان رياض سلامه المطروح اسمه لرئاسة الجمهورية خصوصا ان احد محاور النقاش كان الفراغ الرئاسي فاستتبع الفكرة عن قصد او غير قصد رئيس تجمع رجال الاعمال اللبنانيين د. فؤاد زمكحل مطالبا بـ”رئيس جمهورية يدير لبنان كشركة” وفي سؤالنا حول تلميحه الى الصناعي نعمة افرام كمدير لهذه الشركة بصفة رئيس جمهورية وتسويقه له اجاب موضحا ان “الصناعي افرام صديقه ولا يسوق له، على حساب حاكم مصرف لبنان او اي احد”.
بين الشركة وببين تسييس الشركة اللبنانية طالب رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي عبدو خاطر المحسوب على التيار الوطني الحر بسلسلة الرتب والرواتب مشددا على فكرة فصل السياسة عن الاقتصاد الذي رافقه واياها د. مكحل علما ان احد مستشارين الاكاديميين والاقتصاديين لسمير جعجع رئيس القوات اللبنانية الغائبين عن الجلسة، يدرّس في الجامعة الياسوعية ويوجه نحو عدم فصل السياسة عن الاقتصاد بمعنى الدورة الاقتصادية عن الدورة السياسية من ناحية التشريع وغيره مما يطرح استفهاما كبيرا في عقل المواطن حول طريقة مناقشة جمود البلد السياسي وإمكانية فصل الاقتصاد عن السياسة وفكرة ترئيس اقتصادي للبلد بما يشبه الى حد كبير إدارة لبنان بالمحاصصة داخل شركة صناعية كبرة قد تكون شركة افرام.
وتوقف عند هذه الفكرة دكتور في العلوم السياسية من جامعة الـ LIU موضحا قصد مكحل بان لبنان كشركة قد يحاكي منطق توظيفي لا منطق سياسي اي توزيع للمهمات، طارحا السؤال “هل يمكن ادارة الدولة كمنطق الشركات؟” لافتا الى ان شرايين الدولة مرتبط بمفهوم الانتاج اما السياسة المشتقة ساس يسوس هي لإدارة الشأن العام.
وعن خطورة فصل الدورة الاقتصادية عن الدورة السياسية وميل اصحاب الشركات بتغليب دورة “الشركات” على السياسية قال حاضر من جامعة الحكمة ان الاقتصاد هو “العائلة”، حيث الإنماء هو الأب و الام، و النمو هو الطفل الذي ننتظر زيادة في نِسَبه اما السياسة البحتة، اي المفهوم المطلق للسياسة هي الوصول بالمجتمعات الى مستويات يريدها القادة، و أولها الإبقاء على حالة معينة تستفيد من الأقلية (سلبية) او الجميع (إيجابية) رابطا بين المفهومين من ناحية ان ان “وقود” السياسة و همها الإنمائي يُعَبر عنهما عبر مفاهيم اقتصادية ومالية لما فيه مصلحة الرفاه الاجتماعي للشعوب.
اما عن حجم تدخل القطاع الخاص الفاقد للشفافية في الحياة السياسية واقتراح السياسات الاقتصادية اشار بانه يمكنه ان يكون« نعمة او نقمة»، فمحاولات “أسياد” كما سماهم القطاع الخاص الدخول الى الحياة السياسية و خاصة في دولة مثل لبنان أو دول المنطقة، ليست ببريئة، مما يؤدي الى انحراف الخط الإنمائي عن الأهداف العامة للرفاه الاجتماعي الى الأهداف المربحية خاصة عبر “تخويف” المستهلكين عبر خطابات سياسية منحرفة و مشبعة بالفساد المبطن بايجابيات التي تتبخر بعد كل خطاب. مما يؤدي الى ولادة “الطفل” اي “النمو” (تشخيص) من ذوي الحاجات الخاصة، الذي يساعد بإبقاء المتطفلين على السياسة كحجة مؤكدا على تؤأمة بين الاقتصاد و السياسة فهما توأمين سياميين، حيث من الخطورة انفصالهما عن بعض، و وجودهما في مجتمع مشبغٌ بالفساد عبر أمثلة شعبية “الشاطر بشطارته” او “الشاطر ما بيموت” او “وجه الصحاره” او “كعب الدست”، سيؤدي عن قصد، و لا محالة في ذلك، الى زيادة الضبابية حول العلاقة ما بين السياسة و الاقتصاد مشيرا الى ان الممول هذه الحلقة الجهنمية أي… المصارف لما فيهم من جشع نحو الربح الريعي (امتصاص السيولة من الشعب) و شراء لسندات الخزينة لتمويل الخزينة، اي شراء الدولة حيث ان المصارف هي الوحيدة التي تسّلف القطاع العام خاتماً حاميها حراميها.