مطلوب 2.3 مليار للمدارس في البلدان التي تمزّقها الحروب
باريس، 29 حزيران/يونيو- تظهر وثيقة جديدة صادرة عن الفريق المعني بإعداد التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع أنّ 34 مليون طفل ومراهق لا يزالون خارج المدرسة في البلدان المتأثّرة بالنزاعات. والأطفال والمراهقون الأكثر ضعفا هم الأكثر تضرّرا: فالأشد فقرا من بينهم معرّضون لخطر البقاء خارج المدرسة مرّتين أكثر من نظرائهم في البلدان التي تعيش بسلام. وتظهر الوثيقة أنّه يتعيّن توفير مبلغ 2.3 مليار دولار لإلحاق هؤلاء الأطفال والمراهقين بالمدرسة، أي مبلغ يفوق 10 مرّات المبلغ الذي يحصل عليه حاليا قطاع التعليم من المعونة الإنسانية.
وقد أشار التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع في إصداره الأخير إلى أنّ ثلث البلدان فقط قد حقّق أهداف التعليم للجميع، التي وضعت عام 2000، وحدّد النزاعات بوصفها إحدى الحواجز الأساسية أمام تحقيق نتائج أفضل. وتظهر الوثيقة الحالية مدى التحديات التي تفرضها النزاعات. ويكون كلّ من أطفال ومراهقي البلدان المتأثرة بالنزاعات عرضة مرّتين وثلاث مرّات على التوالي أكثر من أطفال البلدان غير المتأثرة بالنزاعات لأن يكونوا خارج المدرسة. والنساء الشابات في البلدان المتأثرة بالنزاعات عرضة بنسبة 90 في المائة لأن يكن خارج المدرسة أكثر من النساء الشابات اللواتي يعشن في أماكن أخرى.
وقالت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو إنّ “العودة إلى المدرسة قد تشكل المصدر الوحيد للأمل ولعيش حياة طبيعية بالنسبة إلى عدد كبير من الأطفال والشباب في البلدان التي تجتاحها الأزمات. وإعلان إنشون الذي اعتمده 160 بلدا ملتزم بتلبية احتياجات هذه الشعوب، وذلك عبر أنظمة تربوية أكثر مرونة ومقاومة وشمولية، وعبر استجابة للأزمة تشتمل على مراحل المساعدة الطارئة والإنعاش والبناء. ويتعيّن النظر إلى التعليم بوصفه جزءا من عملية الاستجابة الأولى بعد اندلاع أزمة ما، وجزءا لا يتجزّا من أي استراتيجية لبناء السلام”.
ويشكل النقص في التمويل أحد الأسباب الأساسية الكامنة وراء الأضرار الفادحة التي تتسبّب بها النزاعات. ففي عام 2014، لم يحظَ قطاع التعليم سوى بنسبة اثنين في المائة من المعونة الإنسانية. وتبيّن الوثيقة أنّ حتى هدف الأربعة في المائة المُقتَرَح، الذي يحظى بالدعم منذ عام 2011، غير كاف. ولو كان هذا الهدف قد حُقِّق في عام 2013، لكان خلّف وراءه 15.5 مليون طفل وشاب من دون أي معونة إنسانية في مجال التعليم.
ويقول هارون ﺑﻴﻨﺎﻓﻮ، مدير الفريق المعني بإعداد التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع، إنه قد “برزت منذ فترة الحاجة إلى تحديد هدف جديد من أجل توجيه الأموال المخصصة للتعليم في حالات النزاعات. فالأهداف الحالية غير كافية على الإطلاق وتحوّل الانتباه عن الاحتياجات الحقيقية للأطفال والشباب على الأرض. ففي مرحلة التعليم الابتدائي، يتعيّن توفير مبلغ إضافي قدره 38 دولارا لكل طفل من الأطفال الذين يعيشون في أماكن تشهد نزاعات.كما يتعيّن توفير 113 دولارا إضافيا لكل مراهق في المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي. ويمكننا بالتأكيد إيجاد هذه الأموال. فمعظمنا يحمل المبلغ الذي يغطي تكلفة طفل واحد في جيبه”.
و تعطي وسائل الإعلام الأولوية، على نحو غير عادل، لبعض البلدان بالمقارنة مع غيرها: فقد جرى تخصيص أكثر من نصف المعونة الإنسانية للتعليم لتلبية 15 نداء فقط من أصل 324 بين عامي 2000 و2014.
ولا يغطّي عدد كبير من هذه النداءات جميع الأشخاص المحتاجين. فقد جرى، في عام 2013، تحديد 21 مليون شخص موجودين في المناطق المتأثرة بالنزاعات بوصفهم محتاجين إلى دعم في مجال التعليم. وأُدرج 8 ملايين منهم من دون سواهم في النداءات، فحصل 3 ملايين فقط على المعونة عندما جرى توزيع الأموال – ما أفضى إلى بقاء 18 مليون من دون أي مساعدة.
وبالشراكة مع “لا يمكن للتعليم أن ينتظر”، وهو فريق حملة أنشأته الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ التي تشكل فيها اليونسكو عضوا مؤسسا، تقترح الوثيقة هدفا تمويليا جديدا قائما على الأدلّة، وتقدِّم توصيات لتضييق بنية المعونة الحالية المخصصة للتعليم في حالات الأزمات:
- يتعيّن القيام بتقييم مستمر وموضوعي للاحتياجات بهدف فهم متطلّبات الأطفال والمراهقين في حالات النزاع فهما حقيقا.
- يتعيّن إيجاد روابط أفضل بين تمويل العمل الإنساني وتمويل العمل الإنمائي: فالقمة العالمية للعمل الإنساني التي تُعقَد في تموز/يوليو 2016، واجتماع الفريق الرفيع المستوى المعني بتمويل الأعمال الإنسانية الذي يُعقد في عام 2015، يشكلان فرصتين لجعل هندسة تمويل الأعمال الإنسانية أكثر مواءمة وواقعية.
- يشكل سدّ الفجوة في تمويل التعليم في حالات النزاع، التي تبلغ قيمتها 2،3 مليار دولار والتي تفوق 10 مّرات المبلغ الذي يحصل عليه قطاع التعليم حاليا من المعونة الإنسانية، ضرورة ملحّة.
- يتعيّن على أيّ صندوق تمويل عالمي للتعليم في حالات الطوارئ أن يحرص على أن تكون الموارد المخصصة للتعليم في الأزمات إضافية، ومرنة، ومعروفة. ويتعيّن على التمويل أن يتماشى مع الاحتياجات. كما ينبغي على الصندوق أن يتعاون تعاونا وثيقا مع الشراكة العالمية للتعليم والمجموعة العالمية للتعليم.