أول صور لـ «بلوتو» الكوكب الغريب
ستصبح محطة للرصد الفضائي تحيط بها الأبقار في واد باستراليا يوم الثلاثاء أول بقعة في العالم تطالع صورا مقربة لكوكب بلوتو القزم النائي الذي يعد أبعد جرم فضائي يكتشفه الإنسان.
وبعد رحلة فضائية استمرت تسعة أعوام ونصف العام قطع خلالها المسبار الآلي (نيو هورايزونز) التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) 5.3 مليار كيلومتر سيصبح المجس على بعد 12500 كيلومتر من بلوتو مساء اليوم الثلاثاء.
وأرسل المجس خصيصا في مهمة لالتقاط صور لبلوتو -وهو كوكب قزم متجمد ضمن أفراد المجموعة الشمسية- وستنقل المعلومات التي يلتقطها المسبار الى محطة رصد في مجمع اتصالات الفضاء السحيق بكانبيرا باستراليا.
وقال إد كروزنز مدير مجمع الاتصالات لرويترز “إنه أمر مثير لاننا لم نزر بلوتو بعد سواء من خلال المهام المأهولة أو الآلية نظرا لبعده الشديد”.
وحتى الآن لا يعرف سوى النزر اليسير من المعلومات عن بلوتو الذي اكتشف عام 1930 لكنه لا يزال لغزا محيرا ويرجع ذلك في جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة بالكواكب الاخرى. ويبذل العلماء جهدا خارقا في تفسير كيف أن كوكبا قطره لا يتجاوز 2302 كيلومتر يمكن أن يستمر في الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشترى وزحل واورانوس ونبتون.
وبعد اطلاق المسبار (نيو هورايزونز) بستة أشهر وفيما كان في طريقه للكوكب حرم الاتحاد الدولي الفلكي بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية وبات كوكبا قزما بعد أن اكتشف أكثر من ألفين من أمثاله منذ اكتشافه ضمن حزام كويبر ضمن ما يقدر بمئات الآلاف من الأجرام الفلكية.
وقال كروزنز “ثمة شعور بين العلماء بان من المحتمل ان يخبرنا بلوتو عما كانت عليه المجموعة الشمسية في السابق فيما يرقد بلوتو في حالة تجمد كما قد يطلعنا ما كان عليه حالنا منذ أزمنة سحيقة”.
وسيبعث المسبار وهو أسرع مركبة فضائية من نوعها برسائل تستقبلها محطة الرصد الاسترالية غدا الاربعاء وهي رسائل ذات أهمية بالغة تحدد مدى نجاح المهمة.
وتستغرق الرسالة من بلوتو الى الأرض نحو أربع ساعات ونصف الساعة فيما يجري الانتهاء من تجميع قاعدة البيانات الرئيسية خلال 15 شهرا.
وقال كروزنز إن سرعة المسبار ستصل الى 58 الف كيلومتر وهو يمر قرب بلوتو ما قد يخلق مشكلة لو صادف في طريقه اجراما أو مخلفات تسبح في الفضاء.
وقال “مجرد وجود حبة رمل ستتسبب في ضرر بالغ للمركبة ما يمثل القاء حجر بسرعة 70 كيلومترا في الساعة.
ومحطة الرصد الاسترالية -التي تبعد مسافة 35 كيلومترا عن العاصمة كانبيرا- ضمن شبكة ناسا للفضاء السحيق وهي ايضا واحدة من ثلاث محطات للرصد في العالم.
ويتأهب المسبار ليصبح أول مجس يزور كوكب بلوتو النائي متوجا مهام استكشاف المجموعة الشمسية التي بدأت منذ أكثر من خمسين عاما.
وخلال معظم مراحل هذه الرحلة -التي تعادل الدوران حول الارض 120477 مرة- ظل المسبار في حالة كمون ليدخر طاقته ويحافظ على أجهزته ويخفض تكاليف مهمة المراقبة الارضية كي يساعد المهمة ألا تتجاوز ميزانيتها 720 مليون دولار.
وكان المسبار قد خرج من حالة السبات هذه في يناير كانون الثاني الماضي وهو يحلق بسرعة 14 كيلومترا في الثانية ليشرع في رصد مشاهداته لبلوتو وأكبر أقماره تشارون. وبلوتو -الذي يقع بعد كوكب نبتون- كوكب جليدي قزم يسبح على حافة المجموعة الشمسية ويقع في منطقة تعرف باسم حزام كويبر في الفناء الخلفي للمجموعة الشمسية.
وحزام كويبر الذي اكتشف عام 1992 منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة في أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 4.6 مليار عام. وحزام كويبر آخر منطقة مجهولة بمجموعتنا الشمسية وتم اكتشاف أكثر من 40 جرما فلكيا في نطاقه.
ومن قبيل المفارقة ان اكتشاف حزام كويبر هو الذي أوجد الدافع العلمي والأموال المخصصة لمهمة السفر الى بلوتو. ويعتقد العلماء ان حزام كويبر يحتفظ بحفريات منذ نشأة المجموعة الشمسية.
ومثله مثل مركبات فضائية أخرى تابعة لناسا -منها مهام مارينر وبايونير وفويجر خلال الفترة بين ستينات وثمانينات القرن الماضي- التي سبقت المسبار نيو هورايزونز في اكتشاف كواكب المجموعة الشمسية فإن من المقرر أن يجري تجاربه العلمية خلال تحليقه قرب بلوتو.
ولا يحمل المسبار كما كافيا من قوة الدفع التي تمكنه من تشغيل مكابح لإبطاء سرعته لاتخاذ مسار له حول بلوتو في منطقة حزام كويبر. وجاذبية بلوتو ضعيفة للغاية لدرجة أن أي مركبة فضائية ستستهلك كما كبيرا من الوقود لاستخدام مكابحها ووضع نفسها في مدار.
ويقترب المسبار في مهمته -التي بدأت في يناير كانون الثاني من عام 2006- من كوكب بلوتو القزم ليصبح على مسافة 12500 كيلومتر من سطحه في الساعة 7:49 بالتوقيت المحلي لشرق الولايات المتحدة (1149 بتوقيت جرينتش) من مساء يوم الثلاثاء 14 يوليو تموز الجاري.
وبعد أن ينجز المسبار دراساته لبلوتو عن كثب وقمره الرئيسي تشارون ومجموعة أخرى من الأقمار الصغيرة لا تقل عن أربعة سيواصل المسبار رحلته في حزام كويبر.
وعلاوة على كاميرات المسبار (نيو هورايزونز) فإنه مزود بست معدات علمية منها مطياف لتشتيت الضوء وأجهزة استشعار لرصد الغبار وحالة البلازما لدراسة جيولوجيا بلوتو وقمره تشارون ورسم خرائط لتركيب سطحيهما ودرجة الحرارة والغلاف الجوي والأقمار الأخرى.