الأسد يتوعّد بضرب الإرهاب ويعد باستفتاء على الدستور
في خطاب هو الرابع من نوعه منذ اندلاع الأزمة السورية في شهر آذار/ مارس من العام الماضي، أعلن الرئيس السوري بشار الاسد، الثلاثاء، تمسكه بأداء السلطات السورية تجاه حل الأزمة، مجدداً اتهام جهات أجنبية بالتآمر ضد بلاده ومتوعداً بضرب الارهاب بيد من حديد، قي موازاة تأكيده أن الانتخابات التشريعية لن تحصل قبل اقرار الدستور واجراء استفتاء عليه.
وأكد الأسد من جامعة دمشق أن «التآمر الخارجي لم يعد خافياً على أحد، وأنه كلف سوريا أثماناً كبيرة تدمى لها القلوب». وحمل على من أسماهم «بتجار الحرية والديموقراطية» واتهمهم بلعب “دور في المتاجرة بدماء السوريين”.
وأوضح الأسد أن المئات من وسائل الاعلام جندت من أجل الهجوم على سوريا وأن 60 قناة تلفزيونية وعشرات الصحف ومواقع الانترنت كرست عملها من أجل شل ارادة السوريين وتشويه الحقائق، لكنه أكد أن هذه الهجمة فشلت.
كما أوضح الأسد أن الهجمة استهدفت التركيز على شخصه عبر تزوير الحقائق وبث اشاعات تصور أن الرئيس يحاول التخلي عن مسؤوليته، وشدد أنه لا يسعى إلى منصب ولا يتهرب من المسؤولية، وأكد أنه يحكم برغبة الشعب ودعمه وأنه إذا تخلى عن السلطة فسوف يتخلى برغبة الشعب.
من جهةٍ ثانية، تطرق الرئيس السوري إلى مواقف الدول العربية من الأزمة السورية متحدثاً عن وجود تمايز في مواقف الدول العربية، بقوله «بعض المسؤولين العرب معنا في القلب وضدنا في السياسة»، مؤكداً أن هذا ينبع من الضغوط الأجنبية وهو “إعلان شبه رسمي بفقدان السيادة”.
وانتقد الأسد الدول العربية التي «تنصحنا بالاصلاح وليس لديها أي معرفة بالديموقراطية». ولفت إلى أنه أول من طرح موضوع المراقبين العرب خلال لقاء مع وفد الجامعة قبل أشهر. وقوبلت حينها بالفتور لكنها عادت إلى السطح بعد «أن فشلوا في مجلس الأمن الدولي.. وكان لا بد من غطاء عربي ومنصة عربية لينطلقوا منها ومن هنا أتت المبادرة». وأوضح الأسد أن الاجراءات الاصلاحية لم ترق للأطراف المتربصة بسوريا، مشيراً إلى أن «الجامعة العربية لم تقف يوماً إلى جوار سوريا»، ومستشهداً بمرحلة ما بعد غزو العراق، واغتيال الحريري وحرب تموز 2006 في لبنان، والعدوان على غزة في 2008. وأوضح ان مندوبي دول عربية صوتوا ضد سوريا في هيئة الطاقة الذرية ومجلس حقوق الانسان. واعتبر أن الجامعة مجرد انعكاس للوضع العربي وأنها «مرآة لحالتنا العربية المزرية». وأشار إلى أنها «فشلت خلال أكثر ستة عقود في انجاز موقف يصب في المصلحة العربية»، مستشهداً بعدم اتخاذ قرارات لوقف القتل في العراق وفلسطين ومنع تقسيم السودان وانقاذ الصومال من الجوع واعتبر أنها “ساهمت في زرع بذور الفتنة والفرقة”.
وأوضح الرئيس السوري أن العروبة هي ممارسة بالنسبة لسوريا واصفاً قرار تعليق عضوية بلاده بالقول: «إنهم يعلقون عروبة الجامعة بتعليق عضوية سوريا». وأكد أن سوريا هي قلب العروبة وأن «الجسد لا يمكن أن يعيش بدون قلب»، واتهم الجامهة بأنها مستعربة، وأنها تتبع سياسة «الحزم والتشدد مع سوريا، واللطف مع إسرائيل» وأن بلاده تسعى منذ زمن طويل إلى تفعيل عمل مكتب مقاطعة إسرائيل ولكن خلال أسابيع تم تفعيل مقاطعة سوريا.
أما عن سبل حل الأزمة السورية، فشدد الرئيس السوري على أنه لا يمكن القيام بعملية إصلاح داخلي من دون التعامل مع الوقائع كما هي على الأرض، مؤكداً أنه يجب البحث عن حلول ناجعة لأن أي حل قد يؤدي إلى تعميق الأزمة.
وحدد الأسد هدفين للمرحلة المقبلة يتمثلان في الاصلاح السياسي ومكافحة الارهاب، وأكد أن العلاقة بين الاصلاح والأزمة علاقة محدودة. وأوضح أن الغرب لا يكترث للاصلاحات أو ما يجري في سوريا لأن ما يهمه هو الموقف السياسي الذي لا يحبه في الغرب. وأكد أن بلاده بدأت الاصلاح منذ العام 2000. وقال إنه «يجب الفصل بين الأزمة والحاجات الطبيعية وربط ما قبل الأزمة بما بعدها”. وأشار الرئيس السوري إلى أن جدول الاصلاح الذي حدده قبل الأزمة تم انجازه كاملاً ضمن الجدول الزمني المحدد، ومنها رفع حالة الطوارئ على رغم الانتقادات. وأكد أن حالة الطوارئ هي قضية تنظيمية ولا تعطي أمناً، واقر بوجود أخطاء عزاها إلى استحالة القيام بتأهيل الكادر للعمل حسب القوانين الجديدة في ظل التخريب وأن الأولوية لضبط الفوضى. وكشف عن أنه تم توقيف عدد محدود من المسؤولين عن عمليات القتل بسبب محدودية الأدلة، واكد أن البحث بحاجة إلى عمل مؤسسات لكنها لا تستطيع العمل في الظروف الحالية. وشدد على أنه لم تصدر أي أوامر باطلاق النار على أي مواطن إلا في حالات الدفاع عن النفس أو الدفاع عن المواطنين أو الاشتباك. وقال الأسد إنه تم اجراء انتخابات الادارة المحلية رغم الظروف الصعبة ما أدى إلى ضعف المشاركة.
أما في ما يتعلق بالدستور الجديد، فأشار الأسد إلى أن عملية صوغه أصبحت في مراحلها الأخيرة وأنه سيخضع إلى التصويت في آذار/ مارس وبعدها ستجري انتخابات مجلس الشعب .
وأوضح أن الحكومة سوف تواصل الحوار مع القوى المختلفة الراغبة، وكشف الأسد أن بعض القوى ترغب بالحوار سرا وأخرى تنتظر حتى تنجلي الأمور وشدد على أن النظام مستعد للحوار مع من يريد الحوار في شكل علني.
لكنه شدد على أن «الاولوية القصوى الان والتي لا تدانيها اية اولوية هي لاستعادة الامن». وقال: «هذا لا يتحقق الا بضرب الارهابيين القتلة بيد من حديد». وأضاف «لا مهادنة مع الارهاب ولا تهاون مع من يستخدم السلاح الاثم لاثارة البلبلة والانقسام ولا تساهل مع من يروع الامنين ولا تسوية مع من يتواطأ مع الاجنبي ضد وطنه وشعبه”.