أوكرانيا اليوم: كره لروسيا وتطرف يخيف الغرب
خالد ممدوح العزي
لاتزال اوكرانيا تعيش ازمة التغيير السياسي التي تعصف بالبلاد والتي ادخلتها في اتون الحرب الاهلية، وازمة اقتصادية والجميع ينتظر متى تعلن الدولة افلاسها ،المشكلة الاوكرانية ليست بجديدة ، وانما قديمة تعود بالاساس الى الى خروجها من دول الاتحاد السوفياتي السابق فلم يستطع قادتها العمل على انتاج نظام سياسي واقتصادي يخرجها من ازمتها التي اندلاعت في العام الماضي ،الساسة الاوكرانيون وقعوا في اسر الانفصال عن روسيا او البقاء في فلكها الجيوسياسي،وهذا التوجه لم يسمح لهم بتكوين توجه استراتيجي يمكن من خلاله قيادة الدولة نحو بر الامان كما هو حال دول البلطيق الثلاثة وبولندا بالرغم من العداء الذي يكنونه لروسيا لكن احوالهم تابثة. فمنذ خروجهم عن طاعة روسيا كان توجههم واضح نحو الغرب بالرغم من العداء الذي يمارسه سياسيو هذه الدول تجاه روسيا.
ان الازمة التي تعيشها اوكرانيا تكمن في غياب التوجه الحقيقي لقادتها نحو بناء هدف استراتيجي حيث فشلوا جميعهم في رسم سياسة واضحة لادارة الدولة المستقبلية . لذلك يعيش قسم من هؤلاء الساسة في اطار الانتقام من الماضي السوفياتي “اي من روسيا” بحيث يصور في طروحاتهم للجميع بان روسيا هي العدو الاكبر لبلدهم ، حيث يعملون على محاربتها من خلال ادخال الغرب على خط الازمة، وهذا القسم يمارس كل ما بوسعه من اجل اغراق البلد في ازمات سياسية وعسكرية واقتصادية لان مشكلته الاساسية اصبحت الانتقام من روسيا حتى لو على حساب اوكرانيا ،وهذا القسم المتطرف جعل الغرب ينظر بعين الريبة لهذه المجموعات الذي ساعد بتنميتها وايصالها الى السلطة ، بعدما اصبحت اليوم رقما صعبا في الحياةالسياسية الاوكرانية لكونها قوى متطرفة شوفانية ولكونها اضحت ازمة جديدة نبتت للغرب في وسط اوروبا ، بعد ان تم القضاء نهائيا على هذه الظاهرة عام 1945 بعد الانتصار على الفاشية، وانهاء حلم هتلر الذي جلب الويلات للقارة البيضاء والتي دفعت الثمن غاليا.
ام القسم الاخر فيحاول بناء سياسته الخاصة، ولكنه لا يستطع ادارتها ،بسبب غياب الاستراتجية التي تمكنه من استخدامها لحماية اوكرانيا وشعبها كدولة مستقلة، بل ذهب لاجل هذا التوجه نحو حرب تدميرية بين المناطق الوكرانية مما ساعد على احداث هوة عميقة في داخل البنية الاجتماعية الاوكرانية وبين أفراد الشعب الواحد، هذه الحال سمحت للعديد من المجموعات السياسية بسرقة اقتصاد اوكرانيا والسطو على ممتلكات الدولة، وتحويلها الى ممتلكات خاصة .أي أنه تاميم شخصي بالقوة يستفيد منه بعض الاشخاص النافذين في البلد وفقا لمصالح سياسية تفرضها القوى الحاكمة
تعيش اوكرانيا حالة خاصة يمكن تشبيهها بدون مبالغة بالحالة الروسية في عام 1990 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ونمو حركة الاستقلال عند الشعوب السوفياتية مع الفرق الكبير بينهما في القدرات الطبيعية والافكار القومية . في ذلك الوقت كانت روسيا تعاني من انهيار اقتصادي وسياسي ودبلوماسي وعسكري وامني واخلاقي مما سمح لقادة التحول الليبرالي بسرقة روسيا والسيطرة على كافة المرافق الاقتصادية والاجتماعية للبلد بمساعدة الغرب الذي كان يرى بهذه الانهيار فرصة للسيطرة على روسيا ومنعها من ان تنهض وتمارس دورها كدولة فاعلة على الساحة الدولية من خلال شعار روج في روسيا والعالم بان الغرب يساعد روسيا على بناء ديمقراطية .
فالفرق بين روسيا واكرانيا بان روسيا دولة غنية بالمواد الطبيعية التي ساعدت بنمو اقتصادها واعادة قدرتها التي تم سلبها والقدرات الفكرية والعسكرية والقوة الديمغرافية ،اضافة الى طبيعة المواطن الروسي التي تمكنت القيادة الحالية من دغدغة شعور القومية عنده واالعب على وطر العودة الى امجاد الماضي فروسيا امبراطورية قديمة. اما الوضع في اوكرانيا يختلف تلقائيا عن وضع روسيا وحتى لا يمكننا المقارنة بينهما، فكان لاوكرانيا ممكنا ان تلعب دورا مميزا في علاقتها مع الاتحاد الاوروبي بسبب قوتها الديمغرافية المطلوبة في اوروبا والتي تشكل عامل قوة لها بظل شحها في اوروبا، والتي تشكل يد عاملة رخيصة، بالاضافة الى ان اوكرانيا دولة تملك قدرات فكرية وعلمية لاتزال منذ ايام الاتحاد السوفياتي.
ممالا شك فيه بان اوكرانيا تعيش ازمة نظام في تركيبة الجسم السياسي للدولة وغياب النظام السياسي الذي يمكن من خلاله ادارة الدولة.تعيش اوكرانيا في ظل نظام مافيا حكمها منذ استقلالها تحت شعارات وحجج وهمية ادت بالنهاية الى افلاس الدولة وغياب التوجه الصحيح الذي يدفع ثمنه المواطن الاوكراني الذي حلمى ومايزال ان يعيش كما حال باقي المواطنيين في الدول الاروبية او بعض دول حلف وراسوا الذين كانوا الى جانبه في السابق ،ولكن كما يبدوا كتب على المواطن الاوكراني عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يجعله يعيش في حالة قلق وزع على المستقبل الذي لا يامن له حياة كريمة ،مما يدفعه بالنزول مجددا الى الشارع للاعتصام والتظاهر ريثما يتحقق ادنى شيء من مطالبه الانسانية .
فالجميع ينتظر انفجار الوضع الاقتصادي في اوكرانيا والتي ستنتشر موجهة من الغضب الشعبي الذي سيحتل الشوارع، والقيام بثورة اجتماعية اقتصادية ،وكييف نفسها غير مستعجلة على انهاء ازمة مناطق الشرق التي تتازم يوميا ولايمكنها الدخول بمواجهة مع اليمن المتطرف الذي اضحى يملك القرار السياسي والعسكري لان الحكومة ضعيفة،وتعاني من تضعضع داخلي ومعالجة هذه الازمات سوف يضع الدولة امام ازمتها الاقتصادية الحقيقية التي لا تملك اي معالجة لها سوى الاستعطاء الخارج.