بوتين يلتقي أوباما … والأسد بات مقبولاً من الغرب
اعلن الكرملين الخميس ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يقوم بتحركات واسعة بشأن الملف السوري سيلتقي الاثنين نظيره الاميركي باراك اوباما على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، في لقاء هو الاول منذ سنتين.
فقد بدأ التحرك الروسي الدبلوماسي والعسكري يؤتي ثماره مع اعلان عواصم عدة بينها برلين وانقرة في الساعات ال24 الاخيرة انها تنوي اشراك الاسد في البحث عن حل للنزاع.
وسيكون هذا اللقاء الرسمي الاول بين الرجلين منذ لقائهما في حزيران/يونيو 2013 على هامش قمة مجموعة الثماني في ايرلندا الشمالية.
ومنذ ذلك الحين، منعت قضية ادوارد سنودن والازمة الاوكرانية عقد اي قمة بين رئيسي الدولتين.
وقد تحادثا هاتفيا مرات عدة وتبادلا بعض الكلمات على هامش اجتماعات مثل الذكرى السبعين لانزال الحلفاء في النورماندي في السادس من حزيران/يونيو 2014.
وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لوكالات الانباء الروسية “اتفقنا على عقد لقاء مع اوباما”، وذلك بينما تتهم واشنطن موسكو الحليفة الاساسية للنظام السوري بتعزيز وجودها العسكري في سوريا.
وقد رأى مسؤول اميركي الخميس ان الرئيس اوباما وافق على لقاء بوتين الاثنين على الرغم من الخلافات بين البلدين. وقال لفرانس برس ان “الرئيسين سيلتقيان على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة بناء على طلب من بوتين”.
واضاف ان “الامتناع عن تجريب ما اذا كان من الممكن تحقيق تقدم من خلال التزام على مستوى رفيع سيكون امرا غير مسؤول”.
وقد اعلن الرئيس التركي الاسلامي المحافظ رجب طيب اردوغان الذي طالب على الدوام برحيل الرئيس السوري عن السلطة، الخميس ان بشار الاسد يمكن ان يشكل جزءا من مرحلة انتقالية في اطار حل للازمة السورية. وقال “من الممكن ان تتم هذه العملية (الانتقالية) بدون الاسد كما يمكن ان تحصل هذه العملية الانتقالية معه”.
واضاف “لكن لا احد يرى مستقبلا للاسد في سوريا. من غير الممكن لهم (السوريين) ان يقبلوا بديكتاتور تسبب بمقتل ما يصل الى 350 الف شخص”. ويقدر المرصد السوري لحقوق الانسان عدد ضحايا النزاع السوري باكثر من 240 الف شخص.
وكانت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل دعت الاربعاء الى اشراك الاسد في اي مفاوضات تهدف الى انهاء النزاع في بلاده المستمر منذ اربع سنوات. وقالت “علينا ان نتحدث مع افرقاء كثيرين، وهذا يشمل الاسد وكذلك ايضا اطرافا آخرين”.
وياتي موقف المانيا اكبر قوة اقتصادية وسياسية في اوروبا، مع بداية تغير في مقاربة الغرب تجاه النظام السوري خصوصا في ظل اسوأ ازمة هجرة تواجهها اوروبا منذ الحرب العالمية الثانية مع تدفق مئات الاف الهاربين من الحرب الى اراضيها.
وقبل يومين على انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك حيث ستكون سوريا من ابرز المواضيع على جدول الاعمال، اعلنت موسكو الخميس تنظيم مناورات عسكرية بحرية مشتركة قريبا.
وشددت وزارة الدفاع الروسية على ان الامر يتعلق بمناورات “روتينية” الا انها تتزامن مع تعزيز الوجود العسكري المتزايد على الارض في سوريا.
وياتي ذلك بالتزامن مع حملة دبلوماسية للرئيس الروسي الذي يسعى الى تشكيل ائتلاف دولي كبير ضد تنظيم الدولة الاسلامية يشمل النظام السوري الذي لم تتوقف موسكو عن دعمه منذ بدء الازمة في 2011.
وازاء هذا التصعيد السياسي والعسكري، بات الغربيون المنقسمون والعاجزون ازاء الماساة في سوريا تحت ضغوط كثيفة لمحاولة توحيد مواقفهم.
واعرب وزيرا الدفاع الفرنسي والبريطاني الخميس عن “القلق” ازاء تعزيز الوجود العسكري الروسي مؤخرا في سوريا.
وتساءل وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان “كيف نفسر ذلك؟ هل هو رغبة من روسيا في حماية مواقعها التاريخية حول هذا القسم من سوريا؟ هل هو رغبة من روسيا في حماية (الرئيس السوري) بشار الاسد؟ هل لمحاربة داعش؟ هل هو تحرك عسكري من اجل المشاركة في المفاوضات المقبلة؟ هذا ما يتعين على روسيا ان توضحه”.
من جهته، اعرب نظيره البريطاني مايكل فالون عن “القلق لوصول تعزيزات روسية الى سوريا وخصوصا مقاتلات جوية ستزيد من تعقيد الوضع الصعب جدا في الاساس”.
وشدد الامين العام للحلف الاطلسي ينس ستولتنبرغ الخميس على ضرورة ان تلعب روسيا “دورا بناء” في سوريا وان تتعاون مع واشنطن ضد جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية.
ويعقد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عشاء عمل مساء الخميس في باريس يحضره نظراؤه البريطاني فيليب هاموند والالماني فرانك فالتر شتاينماير ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني، للتباحث في الازمة في سوريا.
واوضح مصدر دبلوماسي فرنسي “الهدف هو توضيح المواقف بشكل اكبر ومعرفة ما الذي يراه كل جانب عند التحدث عن مرحلة انتقالية في سوريا وذلك من اجل الخروج بموقف اوروبي موحد قبل الجمعية العامة للامم المتحدة”.
وياتي اللقاء غداة دعوة ميركل الى اشراك الاسد في المفاوضات من اجل حل النزاع في سوريا.
من جهته دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى تنظيم مؤتمر دولي جديد حول سوريا من اجل احلال السلام في هذا البلد مستبعدا مرة جديدة اي دور للاسد في مرحلة انتقالية.
وبعد ان كان رحيل الاسد شرطا مسبقا لاي عملية انتقالية سياسية، باتت الاشارة اليه تتم بشكل مبطن.
فقد اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري السبت الماضي ان الرئيس السوري يجب ان يتنحى عن السلطة ولكن ليس بالضرورة فور التوصل الى تسوية لانهاء الحرب الدائرة في سوريا.
واعتبرت مريم بن رعد الباحثة المساهمة في مركز الدراسات والابحاث الدولية “الغرب عالق في مازق وهناك رغبة بالخروج منه باي طريقة بما في ذلك اعادة اشراك الاسد”.
الا انها وعلى غرار العديد من الخبراء ترى ان اشراك الاسد في المفاوضات من اجل التوصل الى حل في النزاع يشكل “خطا في قراءة” الوضع وانه لن يحل مشاكل اللاجئين ولا التهديد الارهابي الذي تواجهه اوروبا.
من جهتها، رحبت دمشق بهذا التطور واعلنت المستشارة السياسية للاسد بثينة شعبان لوكالة الانباء السورية ان “الوضع في سورية يتجه نحو مزيد من الانفراج”، مشيرة الى “تراجع في المواقف الغربية”.
وتابعت أن هناك “توجها لدى الادارة الامريكية الحالية لإيجاد حل للازمة في سورية وهناك تفاهم ضمني بين الولايات المتحدة وروسيا من أجل التوصل إلى هذا الحل”.
ميدانيا، استخدم الجيش السوري للمرة الاولى الاربعاء طائرات من دون طيار تسلمها من روسيا.