البوسنة مقصد الخليجيين في أوروبا
مع مساكنه الفخمة المبنية في محيط بحيرة اصطناعية وأحواض السباحة وملاعبه الرياضية ومتجره الكبير للمنتجات الحلال والمصلى الخاص للمسلمين، يقدم منتجع “ساراييفو ريزورت” نموذجا ساطعا عن الاهتمام المتزايد لمواطني دول الخليج العربية بالبوسنة.
هذا المجمع هو الأكبر حتى اليوم من بين المشاريع الرامية الى جذب زبائن خليجيين راغبين في التملك في اوروبا وقضاء اجازات ضمن مجتمعات مسلمة.
وقد دشن المشروع في تشرين الاول/اكتوبر في اوسينيك على بعد حوالى ثلاثين كيلومترا من العاصمة البوسنية وهو مشيد على ارض مساحتها 160 الف متر مربع بقيمة استثمار تبلغ 25 مليون يورو مقدمة من شركة عقارات الخليج. ويمكن لهذا المشروع استقبال ما يصل الى 1100 شخص.
ويقول رجل الأعمال الاماراتي طارق الخاجه لوكالة فرانس برس إن “الخليجيين ينجذبون لسحر الطبيعة وحضور الإسلام والتواصل الحار مع البوسنيين. هم يشعرون بالترحيب هنا”.
ومنذ سنة 2010، الغت البوسنة تدريجا نظام التأشيرات المسبقة لمواطني اكثرية دول الخليج العربية وسجل عدد السياح الخليجيين الى هذا البلد تقدما مطردا وصل الى 24 الفا و500 شخص سنة 2015 من اصل 360 الف سائح مسجل في المجمل في منطقة ساراييفو.
وتجذب طفرة السياح الخليجيين هذه أصحاب الرساميل الراغبين في الاستثمار في القطاع العقاري. ويلفت مدير مشروع “ساراييفو ريزورت” جاسم الكندري الى ان “المستثمرين يأتون الى البوسنة بسبب الآفاق الواعدة للتطوير السياحي”.
كذلك تحفز هذه الطفرة انشطة الوكالة السياحية والعقارية لطارق الخاجه التي فتحت قبل ثلاث سنوات في ساراييفو وتحمل اسم “السويدي والخاجه” اذ تستقطب هذه الوكالة الباعة البوسنيين الذين يرغب بعضهم في بيع اراض او بيوت ريفية.
ويقول صاحب الوكالة “حجم العقارات التي استحوذت عليها وكالتنا سنة 2015 لنا ولزبائننا قارب عشرة ملايين يورو”، مشيرا الى ان السوق “تسجل نموا متواصلا” وموضحا أن الاسعار ارتفعت بنسبة كبيرة “تصل الى مئة في المئة خلال ثلاث سنوات”.
ويمثل الزبائن الخليجيون مصدر دخل سياحي كبير للبوسنة.
وتشير المتحدثة باسم هيئة السياحة في ساراييفو اسيا حاجي افنديتش ميسيتش الى ان هؤلاء السياح “ليسوا الاكثر عددا لكنهم ينفقون أكثر بكثير من الآخرين، بما يقرب من 150 يورو يوميا وللشخص اضافة الى نفقات الفندق”.
كذلك تشهد المناطق المحيطة بساراييفو المعروفة بمناظرها الخلابة ظهور محطات سياحية واحياء سكنية مكيفة مع حاجات الخليجيين. فبالاضافة الى مشروع “ساراييفو ريزورت” الضخم، ثمة مشاريع كبيرة عدة مشابهة ستبصر النور قريبا بعضها ضخم للغاية.
وقد أدرك السياسيون جيدا أهمية هذا الوضع. وفي هذا الاطار، دشن زعيم مسلمي البوسنة بكر عزت بيغوفيتش شخصيا الموقع في تشرين الاول/اكتوبر.
وقال عزت بيغوفيتش على هامش الافتتاح “البوسنة بلد اوروبي (…) فيها مياه وغابات ومناجم وامكانات على صعيد الطاقة والسياحة. اخوتنا (في الخليج) أدركوا هذه الميزات”.
ويبلغ عدد سكان البوسنة 3,8 ملايين نسمة حوالى 40 % منهم مسلمون أما الباقون فمن الصرب (المسيحيين الارثوذكس) والكروات (الكاثوليك).
ويقول عامر بوكفيتش مدير مصرف “بوسنة بنك انترناشونال” التابع لمصارف خليجية والذي يؤدي دورا كبيرا في جذب مستثمرين عرب اثرياء لوكالة فرانس برس “هذه ليست سوى البداية، فتحنا الباب للتو، طبعا بشرط الحفاظ على الاستقرار في البلقان”.
ويلفت بوكفيتش الى ان الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تمثل تحديدا احد اسباب اهتمام الخليجيين بالبوسنة، قائلا “كثيرون يبحثون عن فرصة الحصول على موطئ قدم في الخارج عند الحاجة”.
– مشروع مدينة كاملة –
أضخم الاستثمارات المستقبلية اعلنت عنه في تشرين الاول/اكتوبر مجموعة بروج الاماراتية للتطوير العقاري التي تسعى الى بناء مدينة كاملة بمساحة 137 هكتارا قرب ساراييفو في استثمار بقيمة 930 مليون يورو.
أما شركة الديار الكويتية فتبني حيا سكنيا في بلازوج على بعد حوالى عشرة كيلومترات من مطار ساراييفو من المتوقع أن يستقبل اكثر من 360 عائلة، على ما يروي مدير هذه الشركة عبدالله الكليب المصرفي السابق البالغ 34 عاما. ويؤكد وجود ستة مشاريع مشابهة قيد التحضير.
ويقول الكليب “استثمرنا ما يصل الى 14 مليون يورو. الزبائن متنوعون، كان بعضهم لا يعرف شيئا عن البوسنة ولم تطأ اقدامهم ارضها البتة حتى أن البعض لا يحبون الطبيعة”.
في وقت تلقف اصحاب فنادق ومطاعم هذا الاتجاه الجديد بحماسة وأضافوا اللغة العربية على قوائم الطعام لديهم، ينظر البعض الى هذه الظاهرة بشيء من الحذر.
حتى أن بعض وسائل الاعلام والمشاركين في منتديات الكترونية يتحدثون عن “غزو” ويؤكدون أن منطقة ساراييفو في طريقها الى ان تصبح “امارة”. من ناحيتها تحدثت مجلة محلية في تشرين الاول/اكتوبر عما وصفته بـ”قطاع غزة في ساراييفو”.